الخميس، 7 مايو 2020

التفكير الإبداعي


التفكير الابداعي

من الله على الانسان بالعقل ليميزه عن سائر المخلوقات ليتفرد بذلك بالعديد من التفضيلات. بما ان العقل هو مركز التفكير لدى الانسان فهو بذلك يميز بين الكثير من الاتجاهات وصولا الى ابعد التوقعات. في المقابل نحن نمتلك المسئولية التامة حول استخدام العقل في تسيير الامور الحياتية والمصيرية. ربط الله سبحانه وتعالى النضوج والمسئولية عن جميع القرارات والتصرفات المتعلقة بالعبادة ببلوغ الانسان مرحلة النضج العقلي، فهو بذلك يختار مصيره الذي سيئول له من خلا اختياراته تبعاً لنضوجه الفكري وقراراته.
لذلك خاطب ديننا الاسلامي العقل في مواضع مختلفة وبطريقة مباشرة وغير مباشرة. ففي قوله تعالى: (أَفَلَا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ ۞ وَإِلَى السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ ۞ وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ). (الغاشية: 17-19)
هنا دعوه صريحة في القرآن الكريم للتفكير، هذا لأنه ركيزة اساسية من العمليات الدماغية التي لا غنى عنها ولا يمكن لأي فرد ألا يمتلكها لطالما يتمتع بالخصائص البشرية التي اختص بها الله الانسان. اعتبر التفكير مطلب اساسي في تقدم الانسان وتطوره منذ بدء الخلق وحتى قيام الساعة بالتالي نجد ان لكل عصر متطلبات خاصة فيه ومستوى تفكير يحثه على ابتكار ما يسير حياته ويجعلها أسهل.
يعتبر العقل أعظم ما يمتلكه الانسان وبه يتم التخطيط والتنفيذ وتيسير مجريات الحياة تبعاً لما يحتاجه هذا الانسان من حاجيات سواء كانت بالغة الاهمية او لا. ومن الطبيعي ان يرتبط الذكاء بالعقل فهي بالمجمل عمليات عقلية مكملة بعضها البعض ومن المستحيل فصلها. كما يعتبر الذكاء حق طبيعي لكل فرد وان اختلفت مستوياته.
ظهرت العديد من الدراسات حول العمليات العقلية منها ما يساعد على زيادة فاعلية الذكاء وتنميته ومنها ما ينظم العمليات العقلية بشكل مباشرة لتسهل على الفرد الحياة بطريقة منظمة وتعمل على حل مشكلاته بشكل أفضل وأسهل. تعددت هذه الدراسات والأبحاث انطلاقاً من العمليات البسيطة ونتائجها مثل القراءة وصولاً الى تنمية قدرة العمليات العقلية بشكل ملحوظ تبعا لبرنامج يُوضع يعمل على تحسين المستويات المختلفة وصولا بها الى مستوى ينتفع منه. مثل تنشيط جانبي الدماغ للحصول على نتائج أفضل بعيداً عن اهمال اي جانب.
مع هذه الدراسات المتعددة والعمل عليها بشكل جاد وفعلي ظهر العديد من الاتجاهات والنظريات المساعدة في مواكبة متطلبات العصر. لأن لكل عصر متطلباته الخاصة التي يحتاجها، نرى في ذلك أطفالنا اليوم في استخدامات شتى مجالات التكنولوجيا بكل سلاسة مقارنةَ بالأطفال قبل خمسة عشر عاماً. لترتبط كل هذه التطورات على ما سبقها للوصول إلى ابتكار شيء لم يكن موجود اعتماداً على احتياج البشرية، وصولا الى الابتكار وطرق التفكير الابتكاري.
عُرف التفكير الابداعي بأنه الاستعداد والقوة على انتاج شيء جديد أو انه عملية يتحقق النتاج من خلالها أو انه حل جديد لمشكلة ما أو أنه تحقيق انتاج وذي قيمة من اجل المجتمع. ظهر للتفكير الابداعي عوامل ساعدت في توضيح ملامحه منها: الأصالة ، الطلاقة ، المرونة ، الحساسية للمشكلات ، الاحتفاظ بالاتجاه ومواصلته. هذا بالإضافة الى ثلاثة انواع توضح لنا خط سير التفكير الابداعي وهي: الفهم والتوضيح، التفكير الابداعي نفسه، والتفكير الناقد الذي يعمل على تعديل ما تم انتاجة من افكار مرنة قابلة للتعديل.
مع العمل على دراسة الابتكار والابداع وطرقهم من نواحي مختلفة تم التوصل الى نتائج جديدة وطرق ساعدت القائمين على هذه الدراسات الى ابتكار سبل واتجاهات مختلفة تساعد حتى في الكشف عن الموهبة ورعايتهم. فهم في حد ذاتهم مبدعين تربويين. وهذا ما اتصف به أصحاب الابداع بالمثابرة والجهد والعمل الجاد المستمر الذي لا يمل منه وكثرة التساؤلات.
 في دراسات تم التوصل الى التمييز بين التفكير الابداعي والذكاء بأن الأول يقترن بالقيم الانسانية والمثل والاخلاق ويخدمها انا الثاني فقد ينحرف عنها. فمن الممكن ان يكون هناك شخص يتمتع بمقومات الذكاء الملفته ولكن يستخدم هذه القدرة في تدمير شيء ما.
وفي دراسات اخرى تم الربط بين التفكير وبين وجودية الانسان المفكر تبعاً لمقولة ديكارت: " أنا أفكر إذاً أنا موجود". حيث تبدأ عملية التفكير منذ الطفولة ولكن يجب رعاية هذا النمط من التفكير وتهيئته للأبداع ورعايته. من هنا تنطلق اهمية تعليم مهارات التفكير مما لها أثر على مواكبة المتغيرات السريعة المختصة بكل حقبة زمنية مع متطلباتها اي احتياجاتها من تدفق للمعلومات واكتشافات لا حدود لها، كما انها تساعد على اتخاذ القرارات وتحديد الاولويات والبدائل بشكل سريع، وغيرها الكثير من المميزات التي يتم اكتسابها من خلال تعليم مهارات التفكير.
من الضروري الاشارة الى اهمية رعاية هذا النوع من التفكير سواء كانت بعض الدراسات تشير الى ان الابداع قد يكون وراثي او مكتسب أو ناشئ تحت ظروف صعبة فهو في آخر المطاف توجه فكرية جدير بالاهتمام والرعاية سواء كان من الناحية النفسية ، الجسدية ، البيئية ، وحتى البرامج التشجيعية الحاثة على الابداع واستحداث مناهج تساهم بشكل مباشرة في اكتشاف المبدعين او جعل من الافراد اشخاص مبدعين تبعاً لمناهج وانظمة تعمل على تطوير كل من الطلبة والمعلمين.
وفي النهاية، من المتعارف عليه وكما أشرنا سابقاً بأن الابداع مرتبط بالأخلاق والقيم وأن عكس ذلك يؤدي الى التدمير. هذا بالإضافة الى معوقات الابداع التي يحاول العديد من الباحثين القضاء عليها قدر المستطاع باقتراح حلول تتجاوز هذه العقبات للخروج لأجيال تتميز بالإبداع والتفكير الابتكاري الخلاق.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق